حكم غسل الجمعة
يعرّف الاغتسال في الاصطلاح الشرعي بأنّه: تعميم الماء على سائر البدن، وهو مشروعٌ في الإسلام بدلالة قول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا)،وينقسم الاغتسال وفقاً لأقوال العلماء في حكمه إلى ثلاثة أقسام؛ أوّلها أنواع الاغتسال المتفق بين العلماء على وجوبها، وثانيها أنواع الاغتسال المتفق بين العلماء على استحبابها وعدم وجوبها، وثالثها أنواع الاغتسال التي اختلف العلماء في حكمها؛ فمنهم من جعلها واجبةً في حقّ المكلّف، ومنهم من جعلها مستحبةً، فأمّا القسم الأول المتفق على وجوبه فيشمل الاغتسال لخروج المني من الإنسان، ولو من غير جِماعٍ، فقد اتفق العلماء على أنّ خروج المني مُوجبٌ للغُسل، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، ولا بين النائم واليقظان، كما يشمل التقاء الختانين ولو من غير حصول الإنزال، ويكون ذلك عند تغييب الحشفة كاملةً في الفرج، ومنه أيضاً غُسل الحيض وغُسل النفاس، فقد نُقل إجماع العلماء على أنّهما من مُوجبات الغُسل، ودلّ على ذلك قول الله تعالى في النساء عند حالة الحيض: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ).
وفيما يتعلّق بالنوع الثاني للاغتسال، وهو ما اتفق العلماء على عدم وجوبه ورأوا استحبابه، فيندرج فيه كلّ غُسلٍ يتقدّم على الذهاب إلى مَجْمَعٍ من الناس، فمن ذلك غسل العيدين، وغسل صلاة الخسوف والكسوف، ومنه أيضاً غسل الاستسقاء والوقوف بعرفة ورمي الجمرات ونحوها ممّا يجتمع فيه الناس، كما يدخل في نوع الغسل المستحب ما كان عند حالة تغيّر البدن؛ كغُسل المجنون والمغمى عليه حين يفيق، والغسل بعد الحجامة، ونحو ذلك، وفي هذا النوع أيضاً يدخل الغسل المتقدّم على أداء بعض العبادات؛ كغُسل الإحرام، وما نصّ عليه العلماء من غسل طوافي الوداع والزيارة، والغُسل في ليلة القدر، أمّا القسم الأخير من أقسام الاغتسال ففيه ما اختلف الفقهاء في حكمه من الغُسل، ويندرج تحته غسل الميت، فقد ذهب جماهير أهل العلم إلى القول بوجوب غسل الميت، ومنه غُسل من غسّل الميت، فقد اختلف العلماء في حكمه ورأى الشيخ ابن عثيمين استحبابه فقط، ومنه غُسل الكافر إذا أسلم، فقد ذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب الغسل عليه، ورأى الشافعية والحنفية استحبابه في حقه إذا لم يكن على جنب، ومنه أيضاً غُسل الجمعة والذي سيتم بيان حكمه مفصلاً فيما يأتي.