الفرق بين الحيض والاستحاضة
يجدُرُ بالذّكرِ هنا أن المرأةَ وإن حاضت فإنّها قد تُستحاضُ أيضاً، والاستحاضَةُ تختلفُ عن الحيضةِ في طبيعَتِها، وأسبابِها، وحُكمها، فأمّا دمُ الحيضِ فيكونُ أحمراً قانياً، وقد يكون أسوداً بإجماعِ العلماء، ويختلفُ لونه باختلافِ البيئةِ التي تعيشُ فيها المرأةُ، وطبيعةُ الطّعامِ الذي تتناوله، وقد يكونُ لونُ الدّمِ مائلاً إلى اللّونِ الأصفر، كأن يكونَ بُنِّياً أو مُختَلِطاً بينَ السّوادِ والصّفار، ويُعدُّ هذا حيضاً عند جمهورِ العلماءِ إذا كان في وقتِ الحيضةِ دون أن يتجاوَزَ الحدَّ الأعلى لِمدّةِ الحيضِ، ويَلحَقُ ذلكَ عِندَ أغلبِ النّساءِ نزولُ إفرازاتٍ بيضاءَ شفافة تُعدّ هيَ علامةَ الطُّهرِ الأساسيةُ، وكانت سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- تُرشِدُ نساءَ المسلمينَ إلى انتظارِ ظُهورِ هذه العلامةَ لتيقّنِ الطُهر.
وينبغي هنا التفريق بين الحيض والاستحاضة، فاللاستحاضة حالة من استمرار نزول الدّم على المرأة في غير موعده، وتنزِل من عرقٍ يسمّى العاذل، وتختلف أوصافه عن دمِ الحيض، فالاستحاضة تكون رقيقة لا كثيفة، وليس لها في العادة رائحة، ولا تعتبر من النجاساتِ ويُعتبَر دم الاستحاضة حَدثٌ دائمٌ تُصلّي المرأة معه وتصوم وتفعل ما تفعله المرأة الطاهرة بخلاف الحائض.
ويجدر بالذكر أنّه إذا تتابعَت الصّفرة والكدَرة مع الحيض في وقته؛ كانت حيضاً، أمّا إذا رَأت المرأة علامةَ الطُّهرِ ثمّ رأت الصُّفرة أو الكدرة فإنّها لا تَعُدّها حيضاً، بل تَعُدّها استحاضةً، استناداً إلى الحديث: (كنَّا لا نعُدُّ الكُدْرةَ والصُّفْرةَ بعدَ الطُّهْرِ شيئًا)، والحكم في الاستحَاضَةِ الوضوءُ لكلِ صلاةٍ، وأقرّ ذلكَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال في المرأة التي ترى بعد الطُّهر ما يثير الريبة في نفسها أهو حيضٌ أم غيره، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (إنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ في المرأةِ ترى ما يريبُها بعدَ الطُّهرِ إنَّما هيَ عرقٌ)