1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (32.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
هل يمكن التمييز بين الاحساس والادراك

الاجابة هي

هل يمكن التمييز بين الاحساس والادراك
إن الإنسان وبحكم وجوده الطبيعي يعيش في اتصال دائم مع العالم الخارجي، وتكون أبسط صور هذا الاتصال بواسطة الحواس أو ما يعرف بالإحساس، حيث يعتبر هذا الأخير السبيل الأول والنافذة التي نطل من خلالها على العالم الخارجي. لكن يوجد عدد من الفلاسفة وعلماء النفس من يعتبر الإحساس مجرد حادثة أولية بسيطة لا تقدم سوى انطباعات حسية، فهو بحاجة دائمة إلى نشاط العقل أو ما يصطلح على تسميته بالإدراك الذي يتم من خلاله تأويل وتفسير مختلف الإحساسات، وانطلاقا من هذا التمايز القائم بينهما برزت إلى الوجود مشكلة فلسفية تعد – بلا جدال – واحدة من أقدم وأهم المشكلات الفلسفية والمتعلقة بنظرية المعرفة والمطروحة في الفلسفة الكلاسيكية والحديثة على حد سواء، وهي مشكلة طبيعة العلاقة القائمة بين الإحساس والإدراك. إذ هناك من يقيم تفرقة حاسمة بين الإحساس والإدراك ويذهب إلى درجة الفصل التام بينهما ويجعلهما يقفان على طرفي نقيض بالنظر إلى اختلافهما من حيث الطبيعة والقيمة، بينما هناك من يرفض هذه التفرقة ويذهب إلى درجة اعتبارهما وجهين مختلفين لعملية نفسية واحدة يتعذر بل يستحيل فصل أو عزل أحدهما عن الآخر، وأمام هذا الجدل القائم تبرز التساؤلات الدقيقة التالية:
ما طبيعة العلاقة القائمة بين الإحساس والإدراك؟ وهل هي علاقة تمايز وانفصال أم تكامل واتصال؟ وبتعبير آخر هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟
الأطروحة:إمكانية التمييز بين الإحساس والإدراك:
يتفق كل من الفلاسفة العقليين والحسيين على أن هناك ما يدعو إلى الفصل والتمييز بين الإحساس والإدراك حتى وإن اختلفوا في طبيعة تبرير هذا التمييز.
إذ يعتقد كبار الفلاسفة العقليين (قديما وحديثا) أن الإحساس يختلف عن الإدراك ليس من حيث الطبيعة فقط بل من حيث القيمة أيضا، فالإحساس حسبهم لا يمد الإنسان بمعرفة كاملة، فهو لا ينطوي على أي يقين، ولعل هذا ما عناه الفيلسوف اليوناني سقراط بقوله: "إن الحواس تخدعنا خداعا كبيرا"، وهو الطرح ذاته الذي تبناه ودافع عنه تلميذه أفلاطون الذي رأى في المعرفة الحسية أنها معرفة لا تثبت على حال وهي متغيرة، لا ترتقي إلى مصاف المعرفة العقلية ذات الحقائق الثابتة والأزلية، وهذا الذي جعل أفلاطون يميز بين عالمين أساسيين وهما عالم المثل والمعقولات الثابتة وعالم المحسوسات والمتغيرات، وفي العصر الحديث يرى رائد الفلسفة الحديثة ديكارت أن الحواس تكون في كثير من الأحيان مطية لخداعنا، وقد بين كذلك أن الإحساس لا يمدنا بمعرفة كاملة ويقينية، وأن العقل هو أعدل قسمة بين الناس بما ركب فيه من أفكار فطرية هو أساس كل معرفة، وفي هذا الصدد يقول ديكارت: " لقد رأيت الحواس تخدعني، وليس من الحكمة أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من يخدعنا ولو لمرة واحدة ".
وفي هذا السياق يرى "ألان" أن الإنسان يدرك ولا يحس" لان المعرفة الحسية لا تقدم معرفة كاملة فرؤية المكعب بالعين المجردة تجعلنا نجزم بأنه شكل هندسي مؤلف من ثلاثة أوجه وستة أضلاع، بينما هو مؤلف في الحقيقة من ستة أوجه واثني عشر ضلعا....
*على الرغم من الاختلاف المذهبي وتباين الطرح فإن الفلاسفة الحسيين بدورهم يوافقون الفلاسفة العقليين في القول بالفصل بين الإحساس والإدراك، فالعقل – حسبهم – صفحة بيضاء تكتب عليه التجربة ما تشاء ومنه فالمدركات العقلية ما هي سوى انطباعات وخبرات حسية وأنه "لا وجود لشيء في الأذهان ما لم يوجد في الأعيان " لهذا أنكر الفيلسوف الانجليزي جون لوك وجود الأفكار الفطرية – القبلية السابقة للتجربة – واعتبر الإحساس أساس كل معرفة وهذا ما تعكسه مقولته الشهيرة " لو سألت الإنسان متى بدأ يعرف لأجابك متى بدأ يحس "، وقوله أيضا : " التجربة هذا هو الأساس الوحيد لجميع معارفنا "، ويعززه مواطنه "دافيد هيوم " حينما قال: " لا شيء من الأفكار يستطيع أن يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم تكن هناك انطباعات حسية مقابلة له "، وعليه فالإحساس هو جسر كل معرفة وهو النافذة التي يطل بها الإنسان على العالم الخارجي.
النقد:رغم هذا الاختلاف الظاهر والذي لا يجب –إغفاله أو تغافله - بين الإحساس والإدراك، إلا أنه لا يستلزم أبدا الفصل بينهما كما ذهب إليه كل من العقلانيين والحسيين، فالاختلاف لا يستوجب بالضرورة الفصل، فقد يكون مرد هذه التفرقة التي أقامها أنصار النزعتين لها خلفياتها المذهبية والفكرية، فالعقلانيين ينصبون العقل بوصفه السيد في بناء المعرفة – جاهلين أو متجاهلين – انه ليس بالملكة المعصومة من الخطأ فكثيرا ما تطغى الأهواء والعواطف على سلطة العقل، والحسيين الذين بدورهم قد غالوا غلوا كبيرا في اعتبار"أن الفاقد للحس هو فاقد بالضرورة للمعرفة".
نقيض الأطروحة:عدم إمكانية الفصل والتمييز بين الإحساس والإدراك:

اسئلة متعلقة

...